الذكاء..قدرة وراثية أم اكتساب خلال حياة الفرد؟
لقد أثير جدال طويل بين العلماء حول أثر الطبيعة والتربية في الذكاء.
هل الذكاء قدرة وراثية؟ أم إنه مكتسب خلال حياة الفرد؟
لا شك أن هناك صلة وثيقة بين الذكاء والوراثة، لا بل انتهت بعض هذه الدراسات إلى تقرير أثر الوراثة في تحديد نسب مختلفة للذكاء، وقد اتخذت موضوع التوائم المتماثلة وغير المتماثلة والأشقاء والأبناء والآباء أساسا لا ستنتاجاتها حول هذه العلاقة، فقد أخذ العلماء يدرسون المحددات الوراثية بطريقة إحصائية، تعتمد في جوهرها على حساب العلاقة بين درجات القرابة ومستوى الذكاء.
وقد أوردت كل الدراسات أن كل سمات الشخصية تتأثر بالمحددات الوراثية، وأن معاملات الارتباط تدل على المدى الذي تلعبه الجينات في تحديد الصفات والفروق عامة، وفي عدادها حاصلات الذكاء والفروق بينها.
وهكذا يمكن القول إن الذكاء يورث، ولكنه لا يورث وينتقل من جيل إلى جيل كما تنتقل الصفات الجسدية مثلا، وإنما يورث على شكل استعداد، أو على صورة قابلية تتلقاها البيئة لتعمل فيها تغيرا وتعديلا في ضوء ما تتوفر عليه من طرائق ووسائل للتأثير.
ولا شك أنه إذا تقرر نهائيا أن ذكاء الفرد تحدده المورثات فإننا سوف نقف مكتوفي الأيدي إزاء ذكائنا، أو ذكاء من نهتم بهم من الأفراد، أما إذا كان الذكاء قدرة مكتسبة فإننا سوف نفتح الآفاق للعمل على تنمية هذا الذكاء، عن طريق أساليب التربية المثالية، والتغذية الداعمة، فالفرد حين يرث ذكاءه عن أبويه وأسلافهما يرث في الوقت نفسه إرثا اجتماعيا معينا تحدده الظروف الاقتصادية والنفسية وسواها، وهو إذ يرث ذكاءه إنما يرثه على شكل قدرات كامنة، أو إمكانات قابلة للتطور، وقابليات تخضع لحكم المحيط وظروفه إلى حد بعيد، ومعنى هذا أننا ننفي عن الذكاء صفة الجمود والسكون والمحدودية، ونرى أن القدرات العقلية والقابليات النفسية قدرة على التطور والتقدم أو التقهقر والتراجع تباعا للظروف المحيطة.
www.Balagh.com